اللغه
صفحة 1 من اصل 1
اللغه
اللغة التركمانية، هي لغة تركمان العراق. وهم من الجماعات التي تعود بأصولها القديمة الى آسيا الوسطى الناطقة بالتركستانية والتي تتكون من الجمهوريات السوفياتية السابقة مثل (أوزبكستان وقرغيزستان وكازخستان وطاجكستان وتركمانستان). وقد ارتبطت منطقة آسيا الوسطى بعلاقات تاريخية قديمة مع منطقة المشرق وبالذات مع العراق.
يتوجب التنويه الى اننا نستخدم تسمية (تركستان) للحديث عن جميع الشعوب الناطقة بهذه اللغات (التركستانية). تمييزاً عن تسمية (أتراك وتركي) التي تعني حصراً (دولة تركيا الحديثة). ويبدو ان هذا التمييز بين المفردتين موجود حتى في اللغة التركية نفسها، حيث يقال (Turcica) بمعنى (تركستاني) و(Turkish) بمعنى (تركي).
تاريخ تركمان العراق
يبدو ان العراقيين منذ القدم اتجهوا بهجراتهم التجارية والتبشيرية نحو الشرق الآسيوي إبتداءاً من ايران ثم آسيا الوسطى حتى الهند والصين. والذي عمق هذا التقارب بين العراقيين والتركستانيين، ان الاثنين قد خضعا خلال قرون للامبراطورية الايرانية الساسانية قبل الاسلام، وان الكثير من أفراد الجيش الساساني المقيمين في العراق كانوا من أصول تركستانية. ثم أن المبشّرين المسيحيين النساطرة والمانوية العراقيين قد ركّزوا نشاطاتهم التبشيرية في مناطق تركستان حتى انتشرت بين تلك القبائل الديانتين (النسطورية والمانوية) بلغتهما السريانية العراقية. وتعتبر الابجدية السريانية أول أبجدية تركستانية(الاوغورية).
ان الحضور التركماني الحقيقي الذي دونه التاريخ يعود الى أوائل الفتح العربي الاسلامي. ان معظم أفراد الجيش الاسلامي بقيادة (عبيد الله بن زياد) عام (54هـ) الذي فتح تركستان كانوا من المحاربين العراقيين، الذين استقروا هناك وتزاوجوا مع التركستان. ولم يكتف العراقيون بالاستقرار والتزاوج مع الترك بل انهم بعثوا بالمقاتلين الترك ليستقروا بدورهم في العراق. يقول الطبري في صفحة 221 الجزء الرابع من كتابه الشهير (تاريخ الأمم والملوك ): ((إن عبيدالله بن زياد قام في شهر ربيع الأول سنة 54 هـ (673م) بهجماته عبر (جيحون) على (بخارى) ثم على (بيكند) فقاومه الجيش التركي تحت إمرة الملكة (قبج خاتون) مقاومة شديدة جداً، جلبت انتباهه وإعجابه لما لمسه فيهم من شجاعة فائقة وحسن استعمال الأسلحة، فأختار منهم ألفي مقاتل يحسنون الرماية بالنشّاب فبعثهم الى العراق وأسكنهم البصرة)). وطبعاً فإن هؤلاء من التركمان قد انصهروا مع العراقيين واستعربوا مثل الآلاف المؤلفة من المهاجرين من مختلف البلدان.
وخلال أقل من قرن تنامى هذا الوجود التركماني في العراق بحيث أنهم أصبحوا جزءاً من الجيش الأموي المقيم، كما يذكر الطبري في الجزء التاسع من كتابه المذكور، الصفحة144 : (( انه عندما استسلم يزيد بن هبيرة بمدينة (واسط) إلى أبي جعفر المنصور سنة 132 هـ بعد حصار دام عدة أشهر، كان معه ألفان وثلاثمائة رجل من الأتراك البخاريين (نسبة إلى بخارى) كما يؤيد هذه الواقعة العديد من المؤرخين ومنهم الهمداني والبلاذري.
بلغ الحضور التركماني ذروته في العصر العباسي حيث بدأ الضعف ينتشر بين القبائل العربية المهيمنة وفقدانها لروحها البدوية المحاربة بعد استقرارها في العراق وتمتعها بحياة الخصب والرفاهية. وقد وجد القادة العباسيون في الترك البديل المطلوب لاحتفاظهم بروحهم الرعوية المحاربة، وخصوصاً في مواجهة خطر الجماعات الرعوية الاوربية القادمة بأسم الحروب الصليبية. وقام الخليفة العباسي (المعتصم) بأستقدام أكثر من (50) محارب تركستاني من أخواله وبنى لهم مدينة (سامراء). وقد أشاد المفكر العراقي (الجاحظ) بروح الترك الفروسية وسجل مناقبهم. وقد برز الكثير من أعلام الحضارة العباسية من أصول تركستانية، مثل (الفارابي والبخاري والخوارزمي والبيروني والسرخسي) والعديد العديد غيرهم، من الذين للأسف احتسبهم المؤرخون القوميون ظلماً على (الايرانيين!!).
أما تسمية التركمان فأطلقت بعد اعتناق الأسلام، وقبل ذلك أطلق عليهم تسمية الأوغوز أو الغز أو الخوارزمية. واستمر الحضور التركماني مع بروز دور السلاجقة الذي أنقذ قائدهم طغرل بك سنة 1055 هجرية الخليفة العباسي القائم بأمر الله من الوقوع في أسر البويهيين. وقد تأسست خلال هذه الفترة والفترات اللاحقة عدة إمارات ودول تركمانية منها:
1- أمارة الأتابكة في الموصل (1127- 1233 م) أنشأها الأمير عماد الدين الزنكي، وضمت الموصل و سنجار، وجزيرة ابن عمر ونصيبين وحلب وماردين.
2- إمارة الأتابكة في أربيل (1144- 1233 م) أنشأها الأمير السلجوقي زين الدين علي كوجك عام 1144 م وضمت حكاري وسنجار وتكريت والعمادية وسنجار وحران.
3- الإمارة الإيواقية التركمانية في كركوك وكانت تضم السليمانية وسهل شهرزور ومن ملوكها قبجاق ارسلان طاش .
4- الدولة الجلائرية (1339- 1410 م)
5- الدولة السلجوقية (1055- 1157 م )
6- دولة (قره قويونلو) الخروف الأسود (1411- 1468م)
7- دولة (أق قويونلو) الخروف الأبيض (1468- 1508م).
أما اثناء الحقبة العثمانية فانها لم تشهد نزوح أية مجاميع تركية للعراق، بل ان الحضور التركي كان على شكل أفراد وعوائل معظمها من أصول جورجية وبلقانية تسيطر على ادارة الولايات العراقية. رغم محاولة تقرب التركمان العراقيين من الدولة العثمانية، فأنهم أبداً لم يعتبروا يوماً كعناصر تركية عثمانية بل ظلوا يعاملون كعراقيين (غرباء) عن الطبقة الحاكمة. والذي زاد من الشقة بين تركمان العراق والطبقة العثمانية ان الكثير من التركمان تبعوا المذهب الشيعي السائد في العراق والمختلف عن المذهب السني السائد في الدولة العثمانية.
لغتهم
مجموعة شعرية تركمانية حديثة
التركمانية هي لغة (أو لهجة) مستقلة قائمة بحد ذاتها من حيث البنى اللغوية والادبية، وهي أقرب الى اللغة الاذربيجانية منه الى اللغة التركية الحديثة. وهي تنتمي الى مجموعة اللغات (التركية، الالطية) التي هي عائلة لغوية مكونة من أكثر من 20 لغة يتحدثها حوالي 135 مليون نسمة من دول البلقان إلى وسط سيبيريا. اللغات التركستانية مقسمة إلى أربع مجموعات :
· المجموعة الجنوبية الشرقية أو الأويغورية: وهي اللغة الأويغورية المستخدمة بشكل رئيسي في شينجيانغ بالصين؛ واللغة الأوزبكية المستخدمة بشكل رئيسي في أوزبكستان، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى، وشمال أفغانستان.
· المجموعة الجنوبية الغربية أو الغزية: تتضمن لغة تركمان العراق، واللغة التركية (في تركيا)؛ اللغة الأذرية (آذربيجان) المستخدمة في آذربيجان وشمال غرب إيران؛ اللغة التترية القرمية المستخدمة في أوكرانيا وأوزبكستان؛ اللغة التركمانية المستخدمة في توركمنستان وشمال إيران، وشمال أفغانستان.
· المجموعة الشمالية الغربية أو الكبشاكية تتضمن اللغة الكازاخية المستخدمة في كازاخستان، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى، وغرب الصين، ومنغوليا؛ اللغة القرغيزية المستخدمة في قرغيزستان، وبعض جمهوريات آسيا الوسطى، وغرب الصين؛ اللغة التترية؛ اللغة الباشكيرية المستخدمة في باشكورتوستان ولغة قرشاي بلقار اللغة القومكية المناطق القفقاسية التابعة لروسيا؛ ولغة كارايم التي يتحدثها البعض في ليتوانيا وأجزاء من جنوب غرب أوكرانيا.
· المجموعة الشمالية الشرقية أو الألطية تشمل اللغات واللهجات المستخدمة في سيبيريا شمال شرق نهر إرتيش وفي الأجزاء المجاورة من منغوليا التي تتضمن ذلك الألطية، والخقاسية، والشورية، والتوفانية؛ ولغة ساخا المستخدمة في جمهورية ساخا (ياقوتيا) الروسية والمناطق المجاورة. تعد اللغة التشوفاشية مميزة من بين كل اللغات الأخرى، وتستخدم في جمهورية تشوفاشيا الروسية والمناطق المجاورة.
تطورت الكتابة التركستانية الاولى عبر التاريخ من الصور والنقوش التعبيرية في عصور قبل الميلاد الى الكتابة الصغدية بين بخارى وسمرقند في القرن الاول ق.م فالاورخونية (أبجدية كورك تورك) في النصف الاول من القرن الثامن الميلادي، فالاويغورية في النصف الثاني من القرن الثامن الميلادي، فالنسطورية (السريانية) عن طريق المبشرين المسيحيين العراقيين في القرن التاسع الميلادي، ثم العربية بعد القرن العاشر الميلادي. قبل الأسلام تواجدت لهجتان شائعتان في اللغة التركستانية: كورك تورك والأويغور، وبعد الأسلام تعددت اللهجات وأصبحت لغات.
تعود جذور اللغات التركستانية الرسمية السائدة حالياً، الى القرن الثالث عشر ميلادي الى الشاعر علي (1235م). وراحت تستقل منذ ذلك الحين شيئاً فشيئاً وتكتسب ملامحها وخصوصيتها ويتكلم بها تركمان العراق وسوريا وايران والأردن وتركية وتركمانستان وأفغانستان وأوزبكستان.
ان أقدم مصدر تاريخي سجل لنا كلام تركمان العراق وعموم التركستان، هو ديوان (لغات الترك) للاديب (محمود الكاشغري) الذي عاش في بغداد والذي ألفَّه سنة 466هجرية / 1074 ميلادية وقدَّمَه إلى (الخليفة المقتدي بأمرالله)، ليكون مصدراً لتعلم التركية والتفاهم بها، بناءً على الحاجة إليها لكثرة الاتراك في العراق وعموم الامبراطورية العباسية. وقد اعتمد فيه على الكلام التركي الدارج والسائد في تلك الفترة. وسجل فيه بحثاً مهماً عن اللغات التركستانية يعتبر متقدماً بالنسبة لعصره..
يتكلم تركمان العراق التركمانية التي تحتل موقعاً وسطياً بين العثمانية والآذرية والتي استخدمها الشاعر (نسيمي البغدادي) في القرن الرابع عشر الميلادي. وتختلف التركمانية العراقية في لهجاتها، حيث تعتبر لهجة كركوك أنقى اللهجات فأصبحت لغة الأدب والثقافة التركمانية.
التركمانية والتركية
ربما يمكن المقارنة بين التركمانية والتركية، مثل اللهجة العراقية واللغة العربية الفصحى. رغم ان التركمانية والتركية متقاربتين جداً، إلاّ أن الفروق الجغرافية والتاريخية بين أتراك وتركمان العراق، عمَّقت هذه الفروق من كل النواحي: عدد الاحرف وتصريف الافعال والمفردات والالفاظ. ثم أضيف فرقاً كبيراً عندما تخلى الاتراك عن الكتابة العربية وتبنيهم الكتابة اللاتينية عام1928. حيث استمر تركمان العراق وايغور الصين يستخدمون الابجدية العربية بينما آثر تركمان اذربيجان استخدام السريلية منذ أعوام (1937-1938). لكن بعد انتفاضة آذار عام 1991 توسع التعليم بالأحرف اللاتينية في المدارس التركمانية في أربيل خصوصاً، وتعمق الاتجاه الداعي الى تبَّني اللغة التركية مع أبجديتها اللاتينية، واعتبارها هي اللغة الفصحى بدلا من التركمانية. لكن هذه الاشكالية الكبيرة لم تحسم ولا زال الجدل فيها محتدماً بين الداعين والرافضين، كما سنبين ذلك في آخر هذا الفصل
call_abd- المشرف العام
- عدد الرسائل : 272
السٌّمعَة و الصيت و الشهرة : 26
تاريخ التسجيل : 22/02/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى